الأربعاء: 8:30 مساء
في يَومٍ غيْر ذاتِ الأيّام، بيْنما تَضِجُ الّليالي بالظّلام، وتَحمِلُ النّجومُ الأحلام، نَمتَطِيها إلى الأعْلى ونَصعَد، بَعيداً عن المدَارِس والحُلول وكُلّ خربَشاتِ الأقْلام، وبيْنما كَكِل ليْلة، أحَضّر نَفْسي لِلمَنام، يَبْدو أن سمّاعَتي ضاقَتْ بالكَلَام، خَلَعتُ السّماعَة ورُحتُ بنَفسِي، أرْقُص وأُغَنّي، أطْرَبُ في بِلادِ الألوان حَيثُ أنا وحَسْب الــرَّســامْ.
الخميس: 7:10
صباحا
حِينَ تُطِلّ
الشّمسُ في الصّباح، أولُ ما أراهُ بعدَ أشِعّة الشّمس – إنْ كانَتْ الدّنْيا صَيْفا-
هِيَ ابتِسامَةُ أمّي. كَم هيَ جَميلةٌ ماما، كَم هِيَ سَعَادَتي بِوُجُودِها مَعِي
دوْما. تُوْقِظُني أُمّي، وبَعْد أنْ تُشرِفَ على غَسْلي لِوَجهِي وأسْنانِي، تَتأكدُ
من وَضْعي لِسَمّاعَتي ومِن أنْ أشْربَ كَأس الحَليْبِ كَامِلاً.
أصْعَد وأُمّي
على مَتْن السّيّارة الحَمْراء، أمّي تُحِبّ اللّونَ الأحمَر، حتّى قَمِيصي، تَحْتَ
السُّترَة الزّرْقاء، لَوْنُهُ أحْمر، بِما أنّه المُفَضّل لَدى أمّي فإنّه
المُفضّل لَديّ أنا أيْضا.
عِيْسَى إن كُنْتُم
تَتساءَلوْن، هذا هوَ اسْمي، تَماماً مِثلَ عِيْسى عَليْه السّلام في السّماء.
فِي الطّريْق إلى
مَدْرَسَتي، أشْتَري وأمّي العَصيْر الطّازج ولوْحاً مِنَ الشُوكولَاتَه، ونَضْحكُ
سَوِيّةً كَيْفَ لَنَا أنْ نَنْسى إحْضارَ محَارِم سبَايْدِرْ مَانْ الوَرَقِيّة
المُلَوَّنة.
أتَرَجَّلُ مِن
السّيارة بَعدَ أن أُقبّل أُمّي. ومُبَاشرةً أنزَعُ سمّاعَتي البْلاستيْكِيّة من أذنِي،
فَقَدْ قَرّرتُ أنّه ليسَ عليّ أن أتَعَلّم العَرَبِيّة وأُصْغِي السّمَعَ وأقْرَأ
الشّفاه، أوْ أُرْهِقَ نَفسِي في الحَديْث. على بَقِية الأفْراد تَعَلُّم لُغَة الإشارة،
لأنها لُغتِي، إن أرادوا التّواصُل مَعِي.
فِي مَدرَسَتي، مَدْرسَة الشّمس، حتّى مُعلّمِي ومُعَلّماتِي، حتّى مُديْرَة المَدْرسَة، جَمِيعُنا نُجيْد لُغَة الإشارَة ونَسْتَخْدِمها فِيما بَيْنَنا. أنا وأصْدِقائي لا نَرتَدِي سَمّاعاتنا أبَداً، نَحنُ لا نَحتَاجُها، على العَكس، إن أردْنا الحَديْث عن شَخْص آخَر لا يُجِيدُ لُغَةَ الإشارَة، كانَتْ هَذهِ الوَسيلةُ الأفْضَل لِلحَديثِ عَنه دُون أن يَفْهَمَنا!
فِي مَدرَسَتي، مَدْرسَة الشّمس، حتّى مُعلّمِي ومُعَلّماتِي، حتّى مُديْرَة المَدْرسَة، جَمِيعُنا نُجيْد لُغَة الإشارَة ونَسْتَخْدِمها فِيما بَيْنَنا. أنا وأصْدِقائي لا نَرتَدِي سَمّاعاتنا أبَداً، نَحنُ لا نَحتَاجُها، على العَكس، إن أردْنا الحَديْث عن شَخْص آخَر لا يُجِيدُ لُغَةَ الإشارَة، كانَتْ هَذهِ الوَسيلةُ الأفْضَل لِلحَديثِ عَنه دُون أن يَفْهَمَنا!
نَتَدَرّب كلّ آخِرِ
نَهَارٍ أنا وأصْدِقائي تَحْضيراً لِلبُطولة الكُروية فِي نِهايَة هذا الأسْبوع.
عِنْدَ العَوْدة
إلى البَيْت، هُنالِك العَديْدُ مِن الأطْفالِ والجِيران، لَكِن لا أحَدَ مِنْهُم
صَدِيْقي، أنا لَسْتُ بِحاجَتِهِم ولا أحِبّهُم. لَديّ أصدِقائي في مَدرَسَة الشّمْس،
وأمّي، وكُلّ مَن يُحِبّني يُجِيدُ التّعامُل مَعِي بِلُغة الإشارَة. لا داعِي لِلسّماعَة
في الأساس، لا أفْهَم إصْرار أمّي عليّ بارتِدائها حَيثُ لا حاجَةَ إليْها.
الجمعة 8:00 صباحا
هذا هو اليَوْمُ
المَنْشودْ، استَيْقَظتُ ولا زالتْ عَضَلاتُ سيْقانِي مَشْدودةً مِن تَدْريْب البَارِحة،
لَقَد عَزمْنا على الفَوْز في مُباراةِ اليَوْم.
الشّوْط الأوّل
لَم يَكُن لِصالحِنا، لَمْ نَسْتَطِع الاسْتِماعَ لِصافِرَة الحَكَمْ، لَمْ نَسْتَطِع
الانْدِماجَ مَع اللّاعبيْن الآخَريْن في الَملْعَب، لَمْ يَكُن دِفاعُنا مُهَيئاً
لاستِقْبالِ كُرَةٍ جَديْدةٍ غَيْر كُراتِنا، أخَذَني الحُزنُ في المَلْعَب، استَطَعتُ
أنْ أرَى هذا العَالَم خَارِج مَدْرَسَتي واضْطَرّ لِمُواجَهَتِه والتّفاعُلِ مَعه،
عالمٌ لَطِيفٌ مَليءٌ بالألوان، لا أدْري لماذا لَطالَما أصرَرْتُ على عَزْلِ نَفْسي
وإبْقائي فَقَط ضِمنَ مَجْموعَتي التّي لَديْها الحاجة الخاصَة ذاتُهَا.
في الوَقتِ المُستَقطَع،
كان عَليّ أن أنتَهِز أيّ فُرْصَة لِتَعديل النّتيْجة وإنْصافِ فَرِيقي، حِينَ اجْتمَعْنا،
تَحَدّثتُ مَع زُملائي، أخْبَرْتُهُم أنّه إنْ أرَدْنا أن يَفْهَمَنا العالمَ الخارِجيّ،
إن أردْنا أن نَحميَ أنفُسَنا ، إنْ أرَدْنا أنْ نَلْعَبَ بِشَكلٍ أفْضَل، أن نَتَواصَل
بِمُستَوى أجْمَل، اذا وَضَعْنا سَمّاعاتنا وتَفاعَلنا بالّلغَة، بِهذا نَكونُ قَد
اكتَسَبنا خِبْرةً جَديدَة جَميلة جداً وأثْبَتْنا قُدْرَتنا على التّعَامُل لَيس
فَقَط ضِمْن فِئتِنا ولَكِن أيْضاً مَعَ الأطفالِ مِن عُمْرِنا في العَالَم الجَميل.
بَعدَ هذا الحِوارِ مع الزّملاء، دبّت فيهم الطّاقة والقوّة، وسدّدتُ
هَدَف التّعادُل بِقَدَمي اليُمْنى. تَعادَلْنا. وكُنّا سَعيْدينَ جداً.
No comments:
Post a Comment