ظبـيــة؟
ألم يجد البابا اسمًا آخر؟ ومتى كانت التيتا صائبةً ابدًا؟
التيتا تعتقد ان قطتي روسية! نحن في فلسطين، فلسطييييين وليس روسيا، روسيا تقعُ في مكانٍ بعيدٍ جدا جدا عنا، وانا قطتي لا تستطيعُ القدوم من روسيا انا اعرفها جيدا، قطتي!..
ألم يجد البابا اسمًا آخر؟ ومتى كانت التيتا صائبةً ابدًا؟
التيتا تعتقد ان قطتي روسية! نحن في فلسطين، فلسطييييين وليس روسيا، روسيا تقعُ في مكانٍ بعيدٍ جدا جدا عنا، وانا قطتي لا تستطيعُ القدوم من روسيا انا اعرفها جيدا، قطتي!..
اخخ لا تستطيع التيتا ان تقتنعَ بما أقول.
بدأت القصة عندما اخبرت التيتا – والتيتا هي جدتي- اخبرت البابا بأنه إن اطلق علي اسم حيوان سأكونُ مطيعةً وجيدةً، وتنتهي القصة بأنني منذ حينِها محطَ استهزاءِ الآخرين.
في حصةِ الاجتماعيات، وبينما يشرحُ لنا الاستاذ شفيق عن الخليجِ العربي، ينهمُك الجميعُ بسؤالي كيف يقربني العم أبو ظبي؟ وأين هو ظبي ابنه؟ اخخخ. حتى عائلتي؛ التيتا فخورة باسمي كثيرًا، يا له من إنجازٍ لها!، حين تلتقي التيتا بصديقاتٍ لم ترَهَن منذ سنوات، تناديني وتعرفهن علي: "ها هي ظبيتي"، اتشنج حينَها! يييي قلت لكم الفَ مرة فقط نادوني بزوزو امام الناس! يا لها من فضيحة! لقد سئمت من اسمي، أريد أن يكونَ اسمي حديثا ومشرقا، نانسي او اليسا مثلا، او نجوى!
في احدِ الايامِ الربيعية، وبينما جلسنا تحتَ التينةِ العتيقة نحتسي الشايَ بالمليسة، اقتربت من التيتا– وسألتُها: "لماذا فعلتِ هذا يا تيتا؟ لماذا سميتيني ظبية؟ أنا أتعرضُ للسخريةِ دائما، يؤلمني ما يلقبونني به، يعتقدون أنني لا أنتمي لهنا، لماذا يا تيتا؟"
حضنتني التيتا –هذه على الأغلب أولُ مرة ينظرُ شخصٌ مباشرةً إلى عيني من مسافةٍ قريبة كهذه- "أنت تنتمين إلى هنا، وتهميننا كثيرا، تهمين عائلتَك واصدقاءَك، المستقبلُ يعتمدُ عليك انت وأقرانِك. عليكِ التحلي بالثقة، هل تعلمين لماذا؟ لأنك جميلةٌ من الداخلِ والخارج. استمعي إليّ جيدا؛ أنت من تعطي القيمةَ لاسمِك، ليس اسمُك من يحددُ قيمتَك".
"اه... ولكن تيتا –والتيتا هي جدتي- هل علي أن أتحملَ السخريةَ طوالَ الوقتِ وأستمعَ للنكاتِ حولَ اسمي؟"
"حسنا، سأساعدك"، "إليك كلمة السر: (توقّف).
تعلمي إن ضايقك أحدُهم أن تطلبي منه بثقةٍ وثباتٍ أن يتوقف".
أنا لم أصدق التيتا أبدا.. التيتا تعتقدُ بأن قطتي روسية! لكنني قررت أن أجربَ طريقتَها.وهكذا، عند موعدِ حصةِ الاجتماعيات في اليومِ الدراسي التالي؛ أخذ كل من لميس ونضال بإلقاءِ النكاتِ استهزاءً باسمي. استجمعت كلَ ما أملكُ من جرأةٍ وقوة، تمسمرت قدماي ووقفت بثقةٍ وثبات، نظرتُ إلى كليهما وقلت: "توقفا"، "لا أحبَ أن تستهزئا باسمي، اريد من كليكُما التوقفَ عن ذلك الآن".
شعرت بأعينِ زميلاتي وزملائي في الصفِ جميعُا تجاهي.. حتى أستاذ شفيق زحلق نظارتَه بانسيابٍ الى نهايةٍ انفِه، ونظرَ الي بتفاجؤ. هذه هي لحظةُ النصر، واخيرا، لن اضطرَ لسماعِ نكاتِهم وسخرياتِهم بي وتشبيهاِتهم لي. ترا!
سمعتُ مئةَ "برافو" خلالَ النهارِ المدرسي من الأصدقاءِ والزميلاتِ والانتي الآذنة والمعلمات، لم يتجرأْ نضال ولميس على القاءِ ايِ مزحة عني ذاك اليوم... شكرا تيتا، -التيتا هي جدتي-.
"نعم".
" حسنا، اسمحي لي ان اخمنَ ما هو لونُ قدميها من الداخل" "حسنا ما هو؟"
"بنفسجي تقريبا، اليس كذلك؟".
ذهلت، انه فعلاً يعلمُ الكثيرَ عن قطتي.
"قطتُك روسية" قال لي استاذ شفيق، لدي في البيت شبيهتُها تماما. هذه القطة تنحدرُ من جذورٍ روسية، للقططِ انواعٌ كثيرة، لكنْ قطتانا تنتميان الى فصيلةِ القطط الروسية".إذاً هي قطةٌ روسيةٌ! يا الهي! التيتا –والتيتا هي جدتي- كانت صائبةً، كان علي أن أستمعَ الى نصائحِ التيتا منذ البداية.
حالما انتهى الدوامُ المدرسي، هرعتُ الى البيتِ بسرعة، حضنت التيتا وأخبرتها بأنني ممنونةٌ لها كثيرا، وأنها لطالما كانت على حق، وأنني من الآن فصاعدا سأستمعُ لتجاربِها جيدا كي أتعلمَ المزيد.
"توقف."
هذه هي كلمةُ السر يا اصدقاء. لقد تغيرت حياتي منذ ان تعلمتُ هذا المصطلح، كلما ازعجني احدُهم، كلُ ما علي فعله هو ان اتحلى بالشجاعةِ لأقفَ امامَهم واطلبَ منهم التوقفَ بأدب، ترا!

No comments:
Post a Comment